رواية الغرفه الحمراء الحلقه الثالثه 3 والاخيرة هز رأسه إيجابا مع ابتسامة شكر لطيفة ،
– مش عارف اشكرك ازاي يا أنسه!
– اسمي حياة وانت ؟!
– انا يوسف
– مين دول يا يوسف وعاوزين مننا إيه ؟!
ابتلع ريقه وهو يشعر بجفاف حلقه يتزايد ، ثم همس لها ،
– الموضوع كبير قوي يا حياة ،
– حاول تختصر ، لأني لازم افهم ، صحبتي هنا دورت عليها ومش لاقيها ولازم افهم عشان الاقيها ،
بدأ يسعل وهو يمسك بطنه بألم شديد ، فوضعت حياة كفها على كتفه متسائلة ،
– اكيد بتتألم جامد مش كدا ؟!
هز راسه نفيا ليجيبها ،
– مش قوي ما تقلقيش هما مديني مسكن قوي اخدته قبل ما يعذبوني ،
– هما مين دول ؟! قالتها وهي تضيق عينيها بتعجب
– الشرطة ،
شهقت حياة فأشار لها ان تخفض صوتها فهمست ،
– انت ظابط ،
هز راسه إيجابا ، فأكملت
– وإيه اللي جابك هنا ؟! وازاي ما فيش قوه جت تنقذك ؟!
تنهد وهو يدلك رأسه وشعورا بالندم يحتاجه ،
– جيت عشان اسجل لهم ويتقبض عليهم متلبسين ، لأننا جينا هنا مليون مره ومعرفناش المكان دا موجود فين ،
ومافيش حد جه ينقذني لان مهمتي سريه وما حدش يعرف بيها غير القائد بتاعي ، وأكيد بعت ناس لما اتاخرت بس ما حدش هيلاقيني ،
تجمعت الدموع بعين حياة وقد بدأ الياس يتسرب لقلبها وجوارحها اجمع ، فإن كان هذا مصير ضابط الشرطة فما هو مصيرها هي وصديقتها ،
نظر يوسف نحوها بشفقة وهو يقول ،
– ان شاء الله هنخرج ما تقلقيش ،
اجابته بياس شديد ،
– هنخ
رج ازاي واحنا ما نعرفش احنا دخلنا ازاي اصلا ، كل الغرف اللي شوفتها مالهاش اي فتحات ولا شبابيك
ثم نظرت نحوه بتعجب ،
– انت هربت منهم أزاي اصلا ؟!
– لانهم عاوزيني اهرب زي ما هما عاوزينك تهربي..
قالها وهو يحاول الوقوف وهو يستند على الحائط خلفه
ثم بدا يسعل مرة اخرى وقد انعقد لسان حياة وفقدت النطق ، تشعر انا تدور في دوامة لا تفهم شيء بداخلها ، تدور وتدور ويجب عليهل ان تتوقف ، لذلك اثرت عليه ان يخبرها ما يحدث ، اجابها يوسف بهمس سريع ،
– احنا جوه لعبه يا حياة ، ثم اشار نحو الكاميرات المعلقة في كل مكان قائلا ،
– الكاميرات دي بتصورنا وتعرضها على الناس اون لاين ،
شهقت بفزع وهي تنظر نحو جسدها العاري وتتذكر ما راته في الحلم على شاشات الكمبيوتر المحمول ،
اكمل يوسف سريعا ،
– ما تخافيش انا عطلت الكاميرات اللي في الغرفة دي عشان ما يعرفوش طريقي ، بس ما فيش قدمنا وقت كبير ،
وجدها جاحظة العينين تفتح فمها على أخره لا تستوعب ما يقوله ،
امسك بكفها يضغط عليه قائلا ،
– فوقي معايا يا حياة ارجوكِ ، اشارت براسها ان يكمل وحاولت ان تستعيد وعيها ،
– المكان دا كله اسمه ” red room “
كادت ان تتحدث فأوقفها ،
– سبيني بس اكمل وبعدين اسالي زي ما انتي عاوزه ، بس انا اللي هسالك دلوقتي ، تسمعي عن الديب ويب او الدرك ويب ،
هزت راسها إيجابا وهي تقول ،
– ايوه بنشتري ساعات من بعض المواقع عليه جثث ،
هز رأسه بشمئزاز ،
– تمام هو دا ، بس اللي بتتكلمي عنه دا الديب ويب اللي فيه حاجات بتنفع ، الدرك ويب بقى اللي احنا فيه حاليا ،
اغمضت عينيها وهزت راسها فاكمل يوسف ،
– افهمي يا دكتوره ، الدرك ويب دا خاص بتجارة الاعضاء والمخدرات والسلاح والافظع والابشع من كدا ، مواقع تعذيب زي اللي احنا فيها دي حاليا ، بيخطفوا شوية شباب ويبداوا يعذبوا فيهم على الهواء مباشرة وكل ما نسبة المشاهدات علت كل ما تجارتهم زادت وربحهم زاد ،
تملكها الرعب الشديد وارتعدت فرائصها مرددة ،
– مافيش عندنا الكلام دا!!
– امال احنا فين ؟!
سمعوا صوت اقدام تتجه نحوهم فوقف يوسف ينحني قليلا من جرحه فناولته حياة مشرط اخذته من الادوات فامسكه بيده وازاحها لتقف خلفه هامسا ،
– اوعي تترددي لحظة في قتل حد منهم ، انا هحاول أحميكِ لحد ما تهربي ، اول ما تلاقيني اشتبكت معاه اجري بسرعه ،
امت براسها ووقف الاثنان على استعداد للهجوم مثل الحيوانات البرية ،
عادت الخطوات للخلف مرة اخرى فهمست له ،
– هو رجع تاني ليه ؟!
التفت يوسف نحوها يتطلع لجسدها بتفحص ، عادت للخلف خطوتان وهي تنظر نحوه بغضب وهو يقترب منها ،
رفعت المبضع في وجهه تحذره ،
– أنت اتجننت ولا إيه ، لو قربت مني هقتلك
ابتسم لها قائلا ،
– يا بنتي ما تخافيش انا بشوف يمكن حد فيهم حطلك جهاز تصنت ولا حاجه ،
نظرت لجسدها وتحسسته بيدها ثم انتقلت لشعرها تتفحصه فلم تجد شيء ،
رفعت وجهها نحوه فوجدته ما زال يعلق نظره بوجهها وهو يضيق عينيه ، سالته والدهشة تعتلي ملامحها ،
– مالك بتبصلي كدا ليه ؟!
اشاح بنظره بعيدا وهو يردد ،
– ما تشغليش بالك ، وقبل أن يكمل امسكت بكفه قائلة بصوت يهتز خوفا ،
– انا حلمت بيك بتحذرني!
لف جسده نحوها وتسارعت دقات قلبه هذا ما كان يخشاه ، لقد سمعت ندائه!
– مش فاهم ؟!
– امبارح قبل الرحلة نمت وحلمت اني كنت واقفه بنفس الاوضه اللي كنت فيها وانت كنت..
ثم توقفت وهي تطأطأ راسها ، فرفعه يوسف قائلا ،
– وبعدين ، أكملت حياة بأسى
– حذرتني وقولتلي اهربي ،
شعر بإنقباض قلبه ولكنه حاوا ان يتغاضى عن الامر قائلا ،
– وبرده جيتي ، دا انتي غبيه بقى!
ابتسمت حياة رغما عنها لتكمل ،
– بدل ما تقول جيت انقذك ،
رفع زاوية فمه بتهكم ثم ازاح وجهها بأصابعه قائلا ،
– انقذني نفسك يا شابه وبعدين قولي انقذك ،
زمت شفتيها بغضب بينما تأمل هو جرحه الذي توقف عن النزف ثم رفع وجهه بملامح ممتنة ،
– شكرا ليكي يا حياة ، حقيقي انتي أنقذتني ،
با دلته الإبتسامة ثم تهجم وجهها بخوف شديد عندما تذكرت صديقتها وتجمعت الدموع سريعا في عينيها قائلة،
– لازم نتحرك من هنا يا يوسف زمانهم عملوا إيه في آلاء
ضغط على كفها برفق يطمانها قائلا ،
– ما تخفيش معاد البث لسه مجاش وهما مش هيعملوا فيهم حاجه إلا وقت البث ، معنا لسه وقت ، المهم دلوقتي لازم نشوفلك حاجه تلبسيها والا هتموتي م البرد ،
انطلق الاثنان بحذر شديد ، اشار لها ان تفعل ما يفعله ، فالتصقا الأثنان ظهرها للحائط ويوسف يشير لها على اتجاه الكاميرات حتى لا تلتقطهم ، برغم علمه انهم يريدون ان يصنعوا مادة شيقة لجمهور المشاهدين ولهذا تركوه وتركوها يهربون ويتجولون في هذا المكان حتى يصبح فيلم رعبا حقيقي ، ولكنه لن يمنحهم ابدا هذه المتعة ،
اشار لإتجاه اخر فذهبوا نحوه حتى وصلوا لأحدى الغرف المكتوب عليها ” ازياء للقتل “
جحظت عينيها امام الجملة تحاول التأكد مما هو مكتوب ، امسك يوسف بذراعها ليوقفها خلفه ثم فتح باب الغرفة يتأكد من خلوها ،
جالت عيناه على اركان السقف ليتفحص الكاميرات التي تتحرك في كل اتجاه ،
دلف للداخل ملتصقا في الحائط يحاول ان يتجنب ظهوره على الشاشات ، ولحسن حظه ان سقف الغرفة منخفض حتى يستطيع تعطيلها دون ان يحتاج لشيء يقف عليه ،
اخرج من جيبه جهاز صغير بحجم كف اليد ثم وقف على اطراف اصابعه واخرج شريحة من جسد العدسة ثم وضع اخرى مكانها ،
بينما تقف حياة تراقبه بتركيز ، خرج من الغرفة يقف بجوارها وهو يعد حتى ثلاثين ثم اشار لها ان تدخل الغرفة ففعلت وهي تساله،
– انت عملت إيه مش فاهمه ؟!
امسك بالشريحة التي نزعها من العدسة يجيبها ،
– دي شريحة التسجيل لكل اللي بيحصل ، انا شيلتها وحطيت شريحه جديده بمدة تلاتين ثانيه ،
– عشان كدا قولتلي ادخلي بعد التلاتين
اجابها وهو يمسك بيدها ليدلفا داخل الغرفة ،
– ايوه عشان الكاميرا تسجل الاوضه وهي فاضيه وهتفضل تعيد في المشهد دا لحد ما حد يشك في الموضوع ،
ثم اشار لها نحو خزينة الملابس قائلا ،
– شوفي لو حاجه تناسبك البسيها بس بسرعه ،
هزت راسها وهي تخطو نحو الخزينة ودقات قلبها تتسارع والجملة المحفورة على باب الغرفة تتردد في عقلها ،
” ازياء للقتل “
فتحت الخزانة بيد مرتعشة ثم حبست انفاسها حين رات الملابس المعلقة بداخلها ،
اثواب عارية لا تحتوي سوى على جزء بسيط من الاقمشة ، جميعها بلونين الاسود والاحمر ،
حاولت البحث عن اي شيء يستر جسدها فمن الواضح ان تلك الاثواب صنعت للتعري وليس للستر، بعد بحث لمدة ليست بقليلة وجدت شورت من الجينز وقميص بخطوط طوليه يتميز بمربعات ملونة بالأحمر والازرق ،
حاولت البحث عن بنطال طويل ولكنها لم تجد سوى هاذان القطعتان و برغم ان قدميها سيصبحان عاريتين ولكنه سيصبح افضل كثيرا من التجول بملابسها الداخلية ، ارتدتهم سريعا وخرجت على عجل ،
امسك يوسف بهاتفه يحاول إيجاد اي طريقة للخروج من هذا المكان عبر الخريطة ولكن للأسف الشديد لم يجد الموقع اي اثر لتتبعهم ،
زفر بضيق وهو ينظر نحوها قائلا ،
– ما فيش فايده جوجل مش لاقط اي موقع لينا ،
جلست حياة بجواره تنظر لشاشة هاتفه بيأس ،
– عجيبه مدام شبكة النت موجوده ازاي قدروا يمحو المكان من على خريطة اكبر موقع على النت ؟!
– الناس دي تقدر تعمل ما لا يخطر على بال ابليس حتى ، قالها وهو يقف يمد يده إليها ليكمل
– يلا بينا نشوف صحابك فين ونحاول نخرج من هنا مع اني عارف انها مجرد وقت وهيمسكونا تاني ،
لم تجيبه حياة وهي تقبض بشدة على مبضعها عازمة امرها انها ستقتل كل من يحاول الاقتراب منها بأبشع طريقة تعلمتها فهي بارعة في حفظ مناطق الموت السريع في جسد الانسان ،
لقد اصبح الامر الان حياة او موت!!
انطلقا الأثنان بعد ان سحب يوسف الشريحة التي وضعها في الكاميرا و بدأوا البحث في جميع الغرف التي قابلتهم فلم يجدوا أثر لاحد ،
ولا يوجد اي باب يؤدي للأعلى او للأسفل تأففت حياة وهي تستند على الحائط بغضب ،
سألها يوسف باهتمام وهو يتفحص كل جزء في الجدران ،
– انتي شوفتي حد منهم من ساعة ما اخدوكِ ؟!
كادت ان تبكي وهي تتذكر ما حدث ،
– ايوه بعد ما فوقت قعدت اصرخ عشان البنات اللي معايا يصحوا فجه واحد لابس خوذه وهدوم كلها سوده واداني مخدر ، وبعدين فوقت تاني مره في الاوضه بتاعت الادوات اللي كنا فيها دلوقتي ،
ضيق عينيه بتركيز قائلا ،
– وحد جالك هناك ؟!
– ايوه جالي واحد فحصني عشان يتأكد اني لسه نايمه ،
– الواحد دا كان في الاوضه اما فوقتي؟! ولا جه من بره!؟! ولو جه من بره تعرفي جه من اي اتجاه ؟!
اغمضت عينيها لثواني ثم اجابته ،
– جه من بره ثم اشارت بتجاه اليمين ،
-صوت خطواته جاتلي من الناحيه دي ،
اسرع حيث اشارت وهو يمسك كفها خلفه ، حتى وصل للحائط اخر الرواق ، ابطل عمل الكاميرا التي فوق الجدار كما فعل من قبل ،
حاول فحص الجدار اكثر من مرة ولم يجد شئ ،
بينما التفت حياة حول نفسها تبحث معه عن اي خيط يستطيع ان يوصلها لاي مخرج ،
خبطت حياة الحائط بقدميها بانفعال شديد فسمع يوسف صوت لارتداده ، رفع كفه لها ان تصمت ثم وضع يده على الجدار يطرقه طرقات خفيفة في كل اتجاه حتى وجد صدى لطرقه ، فأضاء مصباح هاتفه وهو يردد ،
– معتش وقت فاضل نص ساعه على البث ، اكيد في حاجه هنا بتفتح الجدار دا ،
نظرت حياة للكاميرا التي تعتلي الجدار قائلة ،
– شوف كدا ممكن يكون في زرار في الكاميرا ما هو مافيش حاجه في الجدار غيرها ،
لمعت عيناه ورفع يده يتفحص جوانبها حتى وجد زر صغير في مؤخرتها وحين ضغطه انفتح الجدار على مصرعيه ،
سحب شريحته سريعا وهو ينظر نحوها مبتسما يغمز لها ،
– فكريني ابوسك بعدين ،
لكزته في كتفه وهو يعبر الباب المفتوح ثم تبعته لينغلق الباب خلفهم سريعا دون اصدار اي صرير يدل على موقعه ،
هبط السلالم بحذر وهدوء شديدين وهما يتطلعان امامهم في ذهول وكأنهما انتقلا لمكان أخر من الكرة الارضية ،
اضاءة خافته جدا ومؤثرات ضوئية حمراء وزرقاء تحيط المكان بأكمله بالإضافة للأبواب على الجانبين مثل الطابق الاعلى ولكنها مختلفة تماما ،
غرف كثيرة وكل باب معلق عليه لافتة كبيرة ويتميز بلون مختلف ، وفي نهاية الرواق بابا كبير بطول الحائط مغطى بالستان الأحمر فاقع اللون وفي وسطه نفس النقش المميت الخاص بالثعبان وكلمة “red room “
منقوشة بالخط العريض ، انقبضت عضلات قلبها فزعا وهي تتخيل ان صديقتها بالداخل يفعلون بها كما رات في حلمها ، مؤكد ستسقط مغشيا عليها ،
نفضت راسها من هذه الافكار السوداء محاولة التمسك بأعصابها فهي تحتاج كل قوتها لتخرج من هنا ، اخذت نفسا عميقا وهي تنظر للغرفة الحمراء بغضب وتشير نحوها ،
– الاوضه دي يا يوسف
نظر لها بغرابة ،
– اشمعنا دي ؟!
– اللي شوفتها في الحلم ،
قالت جملتها وهي تقترب منها بينما الصق يوسف ظهره بظهرها حتى يحميها من الخلف ،
صكت اسنانها بغيظ ثم امسكت بمقبض الباب تديره فنفتح الباب مصدرا ازيز جعل دقات قلبها تتعالى ،
وقفا الاثنان امام الغرفة وقد هربت دمائهما بدون رجعة!
متاهة كبيرة مقسمة لأروقة وغرف زجاجية شفافة ، وكل غرفة منهم يوجد بها جثة معلقة من قدميها بعدما تحللت من المياه ، وكل جثة منهم مقتولة بشكل مختلف ،
وضعت يدها على فمها سريعا وانطلقت لركن في الغرفة تفرغ به معدتها التي لم تتحمل رؤية اجزاء بشريه مقطعة بهذا الشكل الاكثر من مقزز ،
برغم حبها الكبير لمادة التشريح وتفوقها بها إلا انها كانت تعمل اغلب الوقت على محاكاة من البلاستيك المطاط وحتى الجثث الحقيقية كانت متوفاة بطرق مرضيه ، هذا ما اخبرته به يوسف حين امسك بكتفيها يحاول تهدئتها قبل ان يأتي البقية لأخذ هذه الاعضاء ووضع اجساد جديدة قبل البث ،
حاولت ان تتمالك نفسها قليلا ، وصورة صديقتها وباقي الفتيات تتوالى على عقلها مما جعل جسدها يرتعش برعب ضمها يوسف إليه بينما خبئت وجهها في صدره وهما يسيران في الممر ليصلا إلى غرفة التحكم ،
وبالفعل وصلا إليها ، كانت اخر غرفة زجاجية في الممر تملؤها الأجهزة الاليكترونية ، دلفا للداخل بينما انطلق يوسف امام الجهاز الرئيسي ولكنهم توقفوا حين اغلقت الغرفة عليهم وصدع صوت عبر المكبرات قائلا باللغة الانجليزية ،
– أهلا بكم في عالمنا الخاص ، من فضلكم انظروا عبر الشاشات ،
نظروا لها سريعا فصُعق الاثنان مما يعرض امامهم على الشاشة ،
لقد تم تنظيف الغرف من الجثث المعلقة بشكل مبهر واسرع مما كانوا يتخيلوا ،
انفتحت الابواب وخرج الرجال الذي يرتدون الخوذات وكل منه يمسك بفتاة مكبلة في يده ترتدي ثوبا من الاثواب التي راتها في الخزانة وموضوع على وجهها قطعة قماش سوداء!
بدأوا بتثبيتهم بالسلاسل المتدلية من الاسقف وتكبيل اقدامهم في الاصفاد المثبتة بالأرض ،
الصقت وجهها بالشاشة بترقب وقلبها يكاد يتوقف من الرعب وهي تنتظر رؤية صديقتها وسطهم ،
بدأ الرجال في إزالة غطاء الراس عن الفتيات صرخات يوسف جعلتها تنتبه له برعب وهو يسب ويركل المكتب الخشبي الموضوع علية الاجهزة حتى نزف جرحه مرة اخرى وحياة تحاول ان تستفهم عن ما حدث ولكنه لم تستطع فهم شيء حتى صدح الصوت مرة اخرى قائلا ،
– كما رأيتم فان لكل منكما ضحية تخصه ،
نظرت حياة سريعا إلى الشاشات فوجدت صديقتها والاربع فتيات الذين كانوا معاها في الغرفة ، ولكن توقفت حين وجدت فتاة سادسة ، وجميعهم يصرخون بكل ما اوتوا من قوة ،
هزت حياة يوسف بقوة تساله ،
– قصده إيه الحيوان دا! مين اللي تخصك هنا يا يوسف ؟!
تطلع نحوها بعينان غائمتان بالدموع وكل خلية به تنعيه بأسى ولم ينطق سوى كلمة واحدة ،
– مراتي!
عادت للخلف حتى ارتطمت بالأجهزة فوقع احدهم ليتحطم على ارضية الغرفة كما تحطم كلا منهما وهم يرون ذاويهم رؤي العين وما سيفعل بهم بعد قليل ،
تحدث الرجل ثانية ،
– ارجوكم استمتعوا بالعرض ، سيبدأ البث بعد واحد اثنان ثلاثة ،،
اصابهم الجنون وظلوا يركلون الباب ويحطمون كل ما في الغرفة وحياة تصرخ بكل ما اوتيت من قوة تردد اسم صديقتها بينما ظل يوسف يترجاه ان يقتله هو ويترك زوجته ،
صراخهم يصل لمسامعهم مما جعلهم يصلون لحافة الجنون ، وضعت حياة كفيها على اذنها تحاول الا تسمع صراخ صديقتها اما عن يوسف فقد اقترب من الشاشة المتبقية في الغرفة التي تعرض غرفة زوجته ،
وضع سبابته على الشاشة يحاول ان يحفظ ملامحها قبل ان يأتي دورها ، سقطت دموعها على وجنتيه وهو يراها تصرخ عاليا بإسمه ،
توقف نبض قلبه وانقبضت عظام صدره على انفاسه وهو يرى الرجل خلفها ينظر نحوه ويجردها من ملابسه ، لقد اتى دورها ،
اصابته حالة من الذهول وكانه انفصل عن العالم وفجأة امسكت حياة بالشاشة ورفعتها عاليا ثم تركتها تسقط ارضا لتتحطم لمئات الشظايا ،
تعلق نظره نحوها بتيه وكانه لم يدرك بعد ما فعلته وجهه شحب اضعاف وابيضت شفتاه واصبحت ملامحه تمثل الاموات امسكت حياة بكتفيه تهزه محاولة ان تجعله يفيق من الحالة العجيبة هذه ،
قالت له وهي تشهق بالبكاء على صديقتها التي ما زالت تستمع صرختها المتألمة ،
– فوق يا يوسف ارجوك لازم نخرج نلحقهم فوووووق ،
وكانه لم يسمعها حتى الان كررت صراخها في وجهه فسقط يجلس ارضا يستند براسه على الحائط ، جلست امامه على ركبتيها تفحصه فوجدت جرحه ازداد نزفا ، إن لم ينتقل للمشفى في اسرع وقت قد يصيب بتسمم في الدم ان لم تدركه سيموت ،
لم تجد حلا سوى البكاء والعويل وهي تترجاه ان يتمسك ليخرجوا من هذا المكان ،
انتفض الاثنان عندما اتى صوته مرة اخرى قائلا ،
– هل تريدون الانتقام الان ؟!
لم ينتظر إجابة واكمل ،
– سيفتح الباب بعد ثواني معدودة إن أردتم الانتقام فلكم الخيار او تظلون مكانكم حتى يأتي دوركم ..
وبالفعل انفتح الباب فأظلمت عين يوسف وقام من مكانه يمتلك من القوة ما يكفي لتمزيق هذا الرجل الذي طالعه على الشاشة بكل وقاحة ،
خطى للأمام فأمسكت حياة بيده سريعا وهي تهز راسها نفيا قائلة ،
– ارجوك يا يوسف تعالى نشوف مكان للخروج من المكان دا ، هو دا اللي عاوزه يعمل عرض قدام الناس ، مراتك ماتت يا يوسف وآلاء كمان ،
قالتها جملتها الاخيرة وهي تشهق ببكاء مرير ، سحب يده من يدها وهو عازم على المضي في طريقه ،
وقفت امامه وهي تمسح دموعها بحدة لتكمل ،
– هتموت يا يوسف لو روحتلهم ، جرحك اتلوث لازم نخرج من هنا بسرررعه مش هتقدر حتى تنتقم صدقني ،
صرخ بوجهها بكل ما يحمله من ألم ،
– وانتي فكراني حتى لو خرجت من هنا هعيش بعد اللي حصل لمراتي قدام عيني ،
– انت ماشوفتش حاجه يا يوسف انا كسرت الجهاز ، خيالك اللي صورلك الباقي افهم بقى ،
تاهت نظراته للحظات وهو يقول ،
– يعني هما لسه عايشين ؟!
عادت تبكي حتى جف حلقها من مرارة ما تنطقه ،
– لاء مش عايشين ، انا متأكده
انتبه الاثنان على صوته قائلا ،
– يبدو ان سيادة الضابط لم يرى ما يكفى لينتقم ممن عذب زوجته ،
امسكت حياة بيده سريعا تهمس له ،
– صدقني يا يوسف قولتلك هو عاوز يعمل عرض مختلف عشان كدا سابنا عايشين ، ارجوك ماتدليوش اللي هو عاوزه ،
اكمل الرجل بضحكة تهكمية ،
– لقد حان دوركما إذا!
انتهت جملته وبدأ الرجال يخرجون من الغرف وقد امتلأت ملابسهم بالدماء وكلا منهم يحمل خنجرا بيده ،
وقف يوسف يتفحصهم بعينا كالصقر البري وهو يزيح حياة لتقف خلف ظهره ،
رفعت حياة راسها لأعلى حين سمعت صوت تحرك الكاميرات ، فوجدتها تتجمع نحو يوسف والرجال ،
لم تدرك حتى الان انهم اشتبكوا سويا ، واحتشد الخمس رجال حوله يجرحون كل جزء في جسده بسرعة فائقة بينما يجول يوسف بينهم محاولا اصابتهم بالمشرط الذي يمسكه بيده ،
كل شيء مر سريعا وفي لحظات ، ادركت حياة انه لا يمتك وقت كثير وسط هؤلاء الوحوش ،
و بحركة خفيفة وعاجلة تعلمتها في تدريبات الكونغ فو التفت حول اقدام الخمسة رجال بمبضعها فوقعوا الخمس ينزفون حتى امتلأت الارض بدمائهم وقبل ان يدركوا ما فعلته اصبحوا اموات ،
نظرت حياة نحو كاميرات المراقبة المسلطة نحوهم وهي تصرخ بأعلى صوتها..
– عجابكم العرض داااااا!!
سمعت تصفيق حاد عبر مكبر الصوت يقول لها ،
– لم اخطئ في اختيار فتاة العام من قبل ، ولكني اعترف انك فقت توقعاتي دكتوره حياة ،
انحنت حياة على الارض بعد ان بصقت على إحدى الكاميرات باشمئزاز ثم التقطت احد الخناجر ووقفت تمزق بها اسلاك الكاميرات جميعها وهي تزأر مثل اسد جريح ،
ثم انطلقت نحو خرطوم المياه الخاص بالطوارئ وامسكت به لتفتح الماء على قوتها وهي توجهها ناحية مكبرات الصوت حتى سمعت شرارة احترق الكهرباء بداخلها ،
انحنت نحو يوسف الذي افترش الارض وجروحه تنزف بشدة ، ساعدته على النهوض بأن جعلته يستند على كتفها وخطت في الاتجاه المخالف وهي تحاول الوصول لباب الخروج من هذا المكان ،
وجدت باب اخر وحين فتحته عثرت على درج طويل ينتهي بقبو تحت الارض ،
همست في أذن يوسف ،
– استحمل يا يوسف ارجوك ، هانت ،
اخرجت هاتفه من جيبه واضاءت المصباح حتى ترى وجهتها. دقائق مرت حتى وصلت لنهاية القبو امام باب يفتح إليكترونيا ،
صاحت بغيظ شديد ثم ساعدت يوسف على الجلوس وهي تترجاه ،
– فوق يا يوسف ارجوك ، الباب بيفتح بشفرة ارجوك ساعدني ،
حاول ان يأخذ نفسا عميقا يساعده على الحديث وبجهد كبير اخرج صوته قائلا ،
– في جيبي اليمين كارت جربيه كدا ،
اخرجته سريعا ووضعته في مكانه ولكن لسوء حظهم اصدر صرير اطلق جهاز الإنذار الخاص بالاختراق ،
اصوات اقدامهم اقتربت منهم كثيرا وحياة تدور حول نفسها تبحث عن حلا سريعا ،
ولكن قد فات الأوان فقد تجمع ثلاثة من الرجال حولهم يشبهون ابطال المصارعة ،
رفعت الخنجر بوجههم فابتسم احدهم قائلا بلغته الاجنبية ،
– هل تظنين ان هذا السكين سيوقفنا عن قتلك ،
اجابته بلغته ،
– جرب ان تقترب مني وسوف ترى ،
ضحك اخر بصوت مرتفع قائلا ،
– هل تظنين اننا مثل هؤلاء المختلين الذين قتلتهم بالأعلى ، هم مجرد مرضى يدفعون اموالا طائلة مقابل ارضاء شهواتهم المريضة بتعذيب اجساد البشر ، اما نحن فمدربين على القتل فلا تضيعي وقتنا لقد جاءت الاوامر ان نأخذك حية ،
لم ينتبهوا على يوسف الذي استند على الجدار واخرج شريحة من هاتفه ووضعها في الباب الإليكتروني ،
انتبه الجميع على صدور صوت الانذار مرة اخرى ولكن هذه المرة مختلفة ،
تحدث الكمبيوتر الخاص بالأمان قائلا ،
– لقد تم اختراق جهاز الامان الخاص بالمختبر وكإجراء احترازي للطوارئ سينفجر المكان بعد عشر ثواني ،
ثم بدأت العد ،
انطلق الثلاثة رجالا ركضا لينقذوا رئيسهم ولكن حياة قذفت بالخنجر نحو رقبة أحدهم فوقع صريعا ،
هرولت نحوه وبدأت بتفتيش جيوبه سريعا حتى وجدت كارت الخروج. ركضت عائده نحو الباب تجربه وهي تدعوا الله ان يقذها من هذا الكابوس ،
بعد عدة محاولات فاشلة فتح الباب عند رقم ثلاث ، امسكت بيد يوسف وانطلقا الاثنان فوجدوا نفسهم فوق جرف عالي ، شهقت حياة بفزع وهي تنظر للأسفل فلا يوجد سوى المياه ، نظرت للأعلى حين سمعت صوت عالي صم اذنيها لطائرة هليكوبتر تغادر المكان سريعا وقبل ان يدركا الامر انفجر المكان بأكمله مما جعلهم يسقطون في البحر!!
******************************************
بعد مرور سنة..
خرجت حياة من غرفة العمليات بعد إجراء اول عملية جراحية لها بمفردها بدون اشراف ،
تلقت التهاني من الجميع على نجاح العملية وثناء كبير من الاساتذة الذين راقبوا العملية عبر الشاشات ،
فتحت هاتفها سريعا فوجدت رسالته ، ابتسمت برقة واعادت الاتصال به لتخبره بفرحة عارمة ،
– الحمد لله يا يوسف العمليه نجحت مش مصدقه نفسي ،
ابتسم على الجانب الاخر وهو يغلق حاسوبه قائلا ،
– انا كنت واثق والله قولتلك كتير انك اشطر جراحه في العالم العربي ما صدقتنيش ،
– يا عم انا كدا هتغر والله ،
تنهد بالم وهو يدلك جانب راسه ،
– ياستي اتغري احنا عندنا كام حياة
ضيقت عينيها بقلق تسأله ،
– مالك ؟!
– مافيش مالي!
صكت اسنانها بغضب ،
– يوسف!
اجابها بنفاذ صبر ،
– نفس الكابوس يا حياة مش عارف اخلص منه ،
قالت له بحزن شديد ،
– والدكتور النفسي لازمته إيه ؟! انت اللي ما بتواظبش على الجلسات يا يوسف انا اتحسنت كتير عن الاول ،
تأفف بضيق ،
– مش هرتاح إلا اما اجيبه الكلب دا ،
ثم اكمل سريعا قبل ان يتعرض لمناقشة حادة معها ،
– سيبك مني دلوقتي ، ها عاوزين نحتفل بعمليتك الاولى يا صديقتي الوحيده ،
ضحكت حياة على جملته قائلة ،
– تفتكر حد حيستحملك غيري يا حضرت الظابط ،
توقف الاثنان عن المزاح حين سمع صرير يصدر من جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به،
فتحه على الفور فوجد اشارة لموقع ما ، سالته حياة بتوجس ،
– دا صوت إيه ؟!
اجابها وقد ملئت الفرحة قلبه ،
– واخيرا رجع يا حياة ورحمة هايدي ما هيفلت مني المره دي
روعة
رائعة جدا جدا